أعلنت النيابة العامة في مدينة أليس جنوب فرنسا، اليوم الاثنين، أن المشتبه به في جريمة القتل المروعة التي استهدفت شابًا مسلمًا داخل مسجد قد سلّم نفسه طوعًا للسلطات الإيطالية، بعد أيام من فراره عقب تنفيذ الهجوم.
وصرّح المدعي العام عبد الكريم غريني بأن تسليم المشتبه به “يُعدّ نتيجة مباشرة لفعالية التحقيقات والضغط الأمني”، مضيفًا أن “هذه الخطوة، وإن كانت متأخرة، تبقى التصرف الأفضل الذي كان بإمكانه القيام به”.
الجريمة التي وقعت صباح الجمعة الماضية داخل مسجد صغير في قرية جنوب فرنسا، خلّفت صدمة واسعة في البلاد، بعد أن تبيّن أن الضحية، ويدعى أبو بكر، شاب في الرابعة والعشرين من عمره، متحدّر من مالي، معروف بتطوعه الأسبوعي لتنظيف المسجد وتجهيزه قبل صلاة الجمعة.
كاميرات المراقبة في المسجد رصدت الضحية وهو يستقبل الجاني ويتحدث معه بلطف، قبل أن يدخلا قاعة الصلاة معًا. هناك، بدأ أبو بكر الصلاة، فيما بدا الجاني وكأنه يشاركه الشعائر، لكنه سرعان ما استل سكينًا وانهال عليه بطعنات تجاوزت الخمسين، ثم فر من المكان، بعد أن التقطته الكاميرات التي سهّلت عملية تحديد هويته.
تقول صحيفة لوفيغارو إن الجاني يُدعى “أوليفييه هـ.”، من مواليد ليون عام 2004، فرنسي الجنسية ومن أصول بوسنية، ويعيش حالة بطالة ولا سجل إجرامي له، ولم يكن مصنّفًا لدى الأجهزة الأمنية كمصدر خطر محتمل.
الحادثة أثارت موجة إدانات رسمية وشعبية واسعة. فقد أدان الرئيس إيمانويل ماكرون الجريمة في تغريدة، مؤكدًا أن “حرية العبادة في فرنسا مصونة ولا تقبل المساومة”، كما شدّد على أن “الكراهية والعنصرية الدينية لا مكان لها في الجمهورية”.
أما رئيس الحكومة فرانسوا بايرو، فوصف الجريمة بـ”العار المعادي للإسلام”، متعهدًا بمحاسبة الجاني، وأكد وقوف الدولة إلى جانب عائلة الضحية وكل المسلمين المتألمين من هذا الفعل.
وشهدت العاصمة باريس مظاهرة ضخمة مساء الأحد، شارك فيها سياسيون ومواطنون وهيئات من مختلف الاتجاهات، رفعوا خلالها شعارات ضد التحريض على الكراهية، مطالبين بإجراءات حازمة لحماية دور العبادة والتصدي لخطابات العنصرية.
من جهته، لم يستبعد المدعي العام أن تحمل الجريمة طابعًا عنصريًا أو معاداة للإسلام، مؤكدًا أن التحقيقات ستكشف المزيد من حيثيات ودوافع الجاني، خاصة بعد أن أقدم على توثيق فعلته بكاميرا الهاتف.
تأتي هذه الجريمة في سياق أوسع من القلق المتصاعد داخل فرنسا إزاء تصاعد خطابات الكراهية ضد المسلمين، وسط دعوات لتعزيز قوانين مكافحة العنصرية وضمان أمن المساجد والمصلين.

