في خطوة وُصفت بالجريئة وغير المسبوقة، أصدر رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، سيباستيان لوكورنو، اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025، مرسومًا رسميًا يُنهي الامتيازات الممنوحة مدى الحياة لرؤساء الحكومات السابقين في فرنسا، وذلك ابتداءً من 1 جانفي 2026.
ووفقًا لما نُشر في الرائد الرسمي للجمهورية الفرنسية، ستصبح هذه الامتيازات محدودة زمنياً في فترة أقصاها عشر سنوات فقط بعد مغادرة المنصب، بدلًا من النظام السابق الذي كان يمنحها دون سقف زمني محدد.
ويُعد هذا القرار نقلة في فلسفة التعامل مع المناصب العليا بعد انتهاء المهام الرسمية، إذ سيطال رؤساء الحكومات الذين تجاوزت فترة مغادرتهم لمنصبهم عشر سنوات، مثل فرانسوا فيون، مانويل فالس، جان مارك إيرولت، ودومينيك دو فيلبان.
المرسوم الجديد يأتي لتعديل الإجراءات التي أُقرت سنة 2019 خلال حكومة إدوار فيليب، والتي كانت تسمح لرؤساء الحكومات السابقين بالاحتفاظ بسيارة وظيفية مع سائق على نفقة الدولة دون تحديد مدة زمنية، ما أثار في السنوات الأخيرة جدلاً متزايدًا حول نفقات الدولة واستدامة هذه الامتيازات.
ورغم أن المرسوم الحالي لا يُلغى إمكانية حصولهم على سكرتير شخصي، إلا أنه يُبقي هذا الامتياز مشروطًا ومحدودًا، وفقًا لما نص عليه مرسوم 2019، أي لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، ولغاية بلوغ سن 67 كحد أقصى.
ولم تقتصر التعديلات على الامتيازات اللوجستية فقط، بل شملت أيضًا الجانب الأمني. فقد وجّه رئيس الحكومة تعليمات جديدة إلى الإدارة العامة للشرطة الوطنية، تقضي بـ مراجعة شروط منح الحماية الأمنية لرؤساء الحكومات السابقين، حيث سيتم تقليص فترة الحماية إلى ثلاث سنوات فقط بعد مغادرة المنصب، مع إمكانية التمديد بناءً على تقييم أمني فردي وموضوعي.
وتعكس هذه الإجراءات توجهًا واضحًا نحو ترشيد الإنفاق العمومي، وتكريس مبدأ المساواة أمام القانون، وتقديم صورة أكثر تقشفًا للمسؤولين السامين في الدولة، انسجامًا مع ما تقتضيه التحولات الاقتصادية والضغوط الاجتماعية في فرنسا.
ويرى مراقبون أن هذه القرارات ستفتح الباب أمام مراجعة أوسع لسلسلة الامتيازات الممنوحة لمسؤولين سابقين، ليس فقط في رئاسة الحكومة، بل ربما في مواقع أخرى بالدولة، في إطار إصلاح مؤسساتي شامل يسعى إليه لوكورنو منذ تسلّمه المنصب.
إسماعيل بوخاري

