في مشهد جمع بين السياسة والوجع الإنساني، عبّر رئيس الجمهورية قيس سعيّد عن صدمته العميقة إزاء الأوضاع المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، الذي تحوّل إلى مسرح مفتوح للموت البطيء، في ظل الحصار والتجويع والدمار. جاء ذلك خلال استقباله يوم الثلاثاء 22 جويلية 2025، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، مسعد بولس، في قصر قرطاج.
لكنّ اللقاء لم يكن تقليديًا. فقد اختار رئيس الدولة أن يُوجّه رسائل مباشرة وصادقة، تلامس جوهر المأساة الفلسطينية، بعيدًا عن لغة الدبلوماسية الباردة. وأشار سعيّد إلى أنّ الصور القادمة من غزة لم تعد تحتمل، ولا يمكن لأي ضمير حي أن يصمت إزاءها.
وقال، متأثرًا، إنّ من بين هذه الصور، ما يُجسّد عمق الجوع واليأس الذي يعيشه الفلسطينيون، لدرجة أن “طفلاً في غزة ظهر في صورة مؤلمة وهو يأكل الرمل، بعد أن أنهكه الجوع ولم يجد ما يسدّ رمقه”. وتساءل سعيّد: “أي إنسان يمكن أن يرى مثل هذه الصورة ولا ينتفض؟ كيف يمكن للعالم أن يواصل تبرير الصمت بينما يُدفن أطفال غزة أحياء تحت الحصار والقصف والجوع؟”
وأكّد رئيس الجمهورية أنّ مثل هذه المشاهد لا يجب أن تمرّ مرور الكرام، مشيرًا إلى أن الوضع في فلسطين لم يعد يُحتمل، وأنه لم يعد هناك مجال للمساومة أو الحياد، فالصورة أوضح من أن تُغفل، والحق أبين من أن يُنكر.
وأضاف سعيّد أنّ الشعب الفلسطيني، من غزة إلى الضفة، هو صاحب الأرض كلها، مهما حاول الاحتلال تفتيت الجغرافيا وتشتيت السكان. “لكن الاحتلال لا يريد فقط أن يسرق الأرض، بل يسعى إلى أن يسرق من الفلسطينيين إحساسهم بالكرامة، أن يُدخل الهزيمة إلى وعيهم”، قال سعيّد، مشددًا في المقابل على أن “الشعوب الحرّة، حتى وإن أُرهقت، لا تقبل بالهزيمة”.
واستحضر رئيس الدولة مبدأ “حق الشعوب في تقرير مصيرها” كما ورد في معاهدة فرساي، مشيرًا إلى أن هذا الحق يُنتهك يوميًا في فلسطين المحتلة أمام أنظار العالم، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية والضمير الإنساني.
وختم سعيّد رسالته بالتأكيد على أنّ هذه المأساة تتطلب قرارات شجاعة تتجاوز حدود التنديد، داعيًا إلى تحرّك عالمي جاد لفكّ الحصار عن غزة، وضمان وصول المساعدات، ومحاسبة الاحتلال، ومنح الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة في أرضه وحريته وكرامته.

