قبل يومين من جلسة حاسمة لمجلس الوزراء اللبناني مخصّصة لبحث مسألة حصر السلاح في يد الدولة، فجّر وزير العدل اللبناني، عادل نصار، جدلاً واسعاً بتصريحاته التي اعتبر فيها أن “حزب الله يختار طريق الانتحار السياسي إذا ما واصل التمسّك بسلاحه”، محذّراً من أن الدولة لن تسمح له بجر البلاد إلى هذا المصير.
وفي منشور على حسابه الرسمي بمنصة “إكس” (تويتر سابقاً)، يوم الأحد 3 أوت، كتب نصار: “إذا اختار حزب الله الانتحار برفض تسليم سلاحه، فلن يُسمح له بأن يجر لبنان وشعبه معه”. وأثارت هذه التصريحات جدلاً واسعاً في الساحة السياسية، خصوصاً أنها تأتي في ظرف حساس داخلياً وإقليمياً، حيث تتصاعد الضغوط لإنهاء تعدّد القوى المسلحة خارج إطار الدولة.
الوزير لم يُفصِح عن الإجراءات أو الخطوات التي قد تُتخذ في حال أصر الحزب على موقفه، إلا أنه أعاد في مؤتمر صحفي نُظّم يوم الجمعة 1 أوت، التأكيد على أن قيام دولة حقيقية لا يمكن أن يتم بوجود سلاح خارج الشرعية، مضيفاً أن ما يُعرف بـ”السلاح غير الشرعي” أصبح مصدر تهديد للاستقرار الداخلي، ومعبراً مفتوحاً نحو كوارث أمنية واقتصادية ودبلوماسية تُثقل كاهل كل اللبنانيين.
من جهته، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، يوم الثلاثاء 29 جويلية، أن مجلس الوزراء سيستكمل في جلسته المقبلة مناقشة آليات بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها، بواسطة قواها الذاتية فقط، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة واضحة إلى التوجّه نحو نزع سلاح حزب الله.
لكن الحزب لم يتأخر في الرد. ففي كلمة متلفزة يوم الأربعاء 30 جويلية، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم: “لن نسلّم سلاحنا من أجل إسرائيل. السلاح ليس أولوية الآن، بل الأولوية لإعادة الإعمار ووقف العدوان”. كما كان قاسم قد صرّح في وقت سابق، تحديداً يوم 4 جويلية، قائلاً: “من يطالب المقاومة بالتخلي عن سلاحها عليه أولاً أن يطالب برحيل الاحتلال. لا يُعقل أن يُتغافل عن العدوان ويُحمَّل المقاومون وحدهم مسؤولية الفوضى”.
في الأثناء، كشف قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، في كلمة ألقاها يوم الخميس 31 جويلية بوزارة الدفاع، أن الولايات المتحدة عرضت حزمة مقترحات تتعلق بحصرية السلاح، مشيراً إلى أن الجيش أجرى تعديلات جوهرية على تلك المقترحات وسيعرضها على مجلس الوزراء خلال الجلسة المقبلة.
هذا التوتّر يأتي في وقت يعيش فيه لبنان على وقع أزمة اقتصادية خانقة، وسط قلق متزايد من انفجار أمني في حال لم تُحلّ معضلة ازدواجية السلاح والقرار. وبين إصرار الحكومة على بسط سلطتها الكاملة، وتمسّك حزب الله بموقعه كمقاومة مسلّحة، يبدو أن البلاد مقبلة على مرحلة دقيقة قد تعيد رسم معالم الدولة وموازين القوى داخلها.
المصدر : الأناضول + وكالات

