في مشهد يكرّس سياسة الاحتلال الإسرائيلي المتشددة تجاه أي محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، اقتحمت قوات البحرية الإسرائيلية اليوم الأحد السفينة “حنظلة”، التابعة لأسطول الحرية، واحتجزت جميع المتضامنين الدوليين على متنها، قبل أن تُجبرها على التوجه إلى ميناء أسدود الواقع على الساحل الجنوبي لإسرائيل.
كانت السفينة في رحلتها السابعة، متجهة نحو قطاع غزة بهدف كسر الحصار البحري المفروض منذ سنوات، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهالي القطاع، في خطوة إنسانية تحمل في طياتها رسالة تضامن دولي مع الفلسطينيين، ورفضًا لاستمرار سياسة الحصار والعقاب الجماعي.
رغم ذلك، استقبلتها قوات الاحتلال بسياسة القمع والتعنت، حيث اقتحمت السفينة بالقوة، وتم احتجاز المتضامنين على متنها، منهم نائبتان من حزب “فرنسا الأبية” المعارض، وجرى استجوابهم بشكل قاسٍ قبل تسليمهم إلى الشرطة الإسرائيلية، وفق ما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية.
هذا التعنت الإسرائيلي أثار موجة واسعة من الغضب والاستنكار على الصعيد الدولي، لا سيما من قبل الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان، الذين وصفوا العملية بأنها شكل جديد من أشكال القرصنة البحرية وانتهاك صارخ للقانون الدولي، خاصة أن السفينة كانت في المياه الدولية حين تم اعتراضها.
ومن جهته، أكد المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل “عدالة” إرسال محامين إلى ميناء أسدود لمتابعة أوضاع المعتقلين ومطالباً بمنحهم حق التواصل الكامل مع متظاهري السفينة، مطالبًا بوقف هذه الممارسات التعسفية.
كما وجه الناشطون المتواجدون على متن السفينة رسائل استغاثة إلى بلدانهم، داعين المجتمعات الدولية والهيئات الحقوقية إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين.
على الجانب الفلسطيني، لم تتأخر ردود الفعل، حيث وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الاقتحام بأنه “قرصنة بحرية جديدة”، واعتبر هذا العمل انتهاكًا صارخًا لكل القوانين الدولية المتعلقة بحرية الملاحة وحقوق الإنسان، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن سلامة المتضامنين.
من جهتها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ما حدث بشدة، معتبرة أن اعتراض السفينة واحتجاز ركابها “جريمة قرصنة وتحدٍ صارخ للإرادة الإنسانية”، ودعت لاستمرار القوافل البحرية التي تحمل رسالة سلام وتضامن، مؤكدة أن الحصار لا يمكن أن يُكسر إلا بالإصرار والتحدي.
كما اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن هذا التصرف جزء من سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة التي تستهدف إسكات صوت الفلسطينيين وعرقلة أي مبادرة دولية تسعى لنقل معاناتهم إلى العالم.
تجسد هذه الحادثة تعنت الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يكتفي بالحصار البري والجوّي، بل يمتد لفرض رقابة وحصار بحري، مع استمرار تجاهله لكل القوانين الدولية، مما يزيد من تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة ويطرح تساؤلات عميقة حول جدوى صمت المجتمع الدولي حيال هذه الانتهاكات المتكررة.
في ظل هذا الواقع، يبقى الأمل معقودًا على استمرار الضغط الدولي وحراك المجتمع المدني لإجبار إسرائيل على احترام حقوق الإنسان ورفع الحصار الظالم، لتعود مياه المتوسط شريان حياة لا أداة للقتل والحصار.
المصدر : وكالات

