في مشهدٍ نادر داخل المشهد الأوروبي الرسمي، خرج وزير المساعدات والتجارة الخارجية السويدي، بنيامين دوسا، بتصريح يُعد من أكثر المواقف صراحة تجاه الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، قائلاً:
“ما يحدث الآن في غزة لا يمكن الدفاع عنه. الأطفال يموتون جوعًا، وعمال الإغاثة يتعرضون للهجوم، والتقارير تصف أوضاعًا غير إنسانية بكل معنى الكلمة”.
تصريح الوزير السويدي، الذي أدلى به لصحيفة إكسبريسن، جاء في وقت تتعالى فيه أصوات 111 منظمة إغاثية دولية تحذّر من مجاعة شاملة تلوح في الأفق داخل غزة، مع دخول الحصار الإسرائيلي شهره العاشر، وغياب شبه كامل لأي استجابة فاعلة من المجتمع الدولي.
دوسا لم يكتفِ بالتوصيف، بل حمّل إسرائيل المسؤولية المباشرة عن الكارثة، مطالبًا إياها بالسماح الفوري بدخول المساعدات، وإنهاء التهجير القسري للسكان المدنيين. وأضاف:
“الشاحنات المحملة بالغذاء والدواء متوقفة خلف المعابر. هذا غير مقبول. يجب السماح بدخولها فورًا وضمان سلامة العاملين في الإغاثة”.
وأشار الوزير إلى اتفاق جرى التوصل إليه بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل لزيادة حجم المساعدات الطارئة إلى غزة، لكنه اعتبر أن “الاتفاق لا معنى له ما لم يتم تنفيذه فورًا، فالوقت ينفد والأرواح تُزهق كل ساعة”.
من جهة أخرى، لا تكف الأرقام والوقائع عن فضح حجم المأساة. فقد أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة العشرات، بينهم عدد كبير من الأطفال، جراء الجوع الحاد وسوء التغذية. فيما أكدت الأمم المتحدة أن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، خلال عمليات توزيع للمساعدات تشرف عليها منظمة أميركية-إسرائيلية تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية”، تولت الإغاثة بعد فرض حصار شامل منذ 26 مايو.
أما منظمة الصحة العالمية، فعبرت عن صدمتها من الوضع، وقال مديرها العام تيدروس أدهانوم:
“جزء كبير من سكان غزة يعاني من الجوع الشديد. كميات الغذاء التي تدخل أقل بكثير من الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. إذا لم تكن هذه مجاعة، فما الذي يُسمى كذلك؟ هذا جوع من صنع الإنسان”.
هذه التصريحات لا تُعبر فقط عن قلق دولي متأخر، بل تكشف تحولًا تدريجيًا في لهجة بعض الحكومات الغربية التي بدأت تواجه صعوبة في تبرير دعمها غير المشروط لإسرائيل، وسط صور لأطفال يحتضرون بسبب نقص الحليب والغذاء، ومدنيين يُقتلون في طوابير الخبز.
ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرّد أزمة إنسانية، بل جريمة موثّقة متعددة الأبعاد: استخدام التجويع كسلاح، قتل عشوائي أثناء الإغاثة، منع ممنهج لدخول المساعدات، وتدمير للبنية التحتية الصحية والمعيشية.

