تعيش محافظة اللاذقية الساحلية في غرب سوريا كارثة بيئية غير مسبوقة، حيث تواصل الحرائق لليوم الخامس على التوالي اجتياح مساحات شاسعة من الغابات والأراضي الزراعية، وسط ظروف مناخية قاسية، وضعف في الإمكانيات المحلية، ومخاطر أمنية تهدد فرق الإطفاء.
بحسب تقديرات رسمية، التهمت النيران حتى الآن أكثر من 10 آلاف هكتار، متسببة بدمار واسع لمئات الآلاف من الأشجار الحرجية، ومهددة بتفاقم الأزمة البيئية والاقتصادية في المنطقة.
وقال وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح خلال مؤتمر صحفي من اللاذقية إن “إخماد النيران بشكل كامل سيستغرق أياماً عدة”، مشيراً إلى خطورة الموقف وتعقيده، خاصة في ظل امتداد النيران إلى 28 موقعاً في المحافظة.
على الأرض، تخوض فرق الإطفاء والدفاع المدني معارك يومية مع ألسنة اللهب، مدعومة بجهود من سلاح الجو السوري الذي يشارك في عمليات الإطفاء عبر المروحيات التي تلقي كميات كبيرة من المياه فوق المناطق المشتعلة.
وتزامناً مع تصاعد الكارثة، سارعت دول الجوار إلى تقديم الدعم. فقد وصلت فرق إطفاء أردنية مزودة بمعدات حديثة إلى اللاذقية عبر معبر نصيب الحدودي، بينما ساهمت تركيا في وقت سابق بإرسال مروحيات وآليات إطفاء للمساعدة في الحد من انتشار الحرائق في المناطق الشمالية.
المشهد في مناطق مثل الربيعة في ريف اللاذقية يعكس حجم الدمار، حيث يحاول عناصر الدفاع المدني التصدي للنيران التي اقتربت من المنازل، وسط سحب دخانية كثيفة وأصوات فرق الإنقاذ التي لا تهدأ.
أما التحدي الأكبر، فهو انتشار مخلفات الحرب والألغام في بعض المناطق، ما يعرقل بشكل كبير وصول فرق الإطفاء ويزيد من المخاطر على حياة العاملين في الميدان.
من جهتها، أطلقت الأمم المتحدة نداء عاجلاً للمجتمع الدولي، داعية إلى تقديم الدعم الفوري لسوريا لمواجهة ما وصفته بـ”الكارثة البيئية”. وكتبت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الأممي إلى سوريا، عبر منصة “إكس”:
“سوريا بحاجة ماسة إلى المزيد من الدعم الدولي لمواجهة حرائق الساحل المتفاقمة”.
كما أعلن آدم عبد المولى، المنسق الأممي المقيم في سوريا، أن فرق الأمم المتحدة تعمل على الأرض لإجراء تقييمات عاجلة وتحديد الأولويات الإنسانية الطارئة.
تأتي هذه الكارثة في وقت تعاني فيه سوريا من تغيرات مناخية قاسية، ترافقت مع موجات حر وجفاف غير مسبوقة. وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) قد حذرت في حزيران/يونيو الماضي من أن البلاد لم تشهد ظروفاً مناخية بهذه الحدة منذ ستين عاماً، محذرة من خطر انعدام الأمن الغذائي لأكثر من 16 مليون شخص.
تتداخل الأزمة البيئية الحالية مع أزمات أعمق تعيشها سوريا منذ أكثر من 14 عاماً من النزاع، مما يجعل مواجهة الكوارث الطبيعية أكثر تعقيداً، ويؤكد الحاجة الملحة لتحرك دولي حقيقي، قبل أن تلتهم النيران ما تبقى من غابات وآمال.
المصدر : وكالات + فرانس24

