وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، يقف الاقتصاد العالمي عند مفترق طرق حساس، حيث تعود المخاوف القديمة إلى الواجهة: النفط، السلاح، والذهب. فبينما تتصاعد حدة الصراع بين إسرائيل وإيران، ومع احتمالات تدخل مباشر من الولايات المتحدة، اندفعت الأسواق إلى أصول “الملاذ الآمن”، وعلى رأسها المعدن الأصفر.
ارتفعت أسعار الذهب صباح الخميس بنسبة طفيفة بلغت 0.1% لتسجّل 3371.15 دولارًا للأوقية في المعاملات الفورية، فيما تراجعت العقود الأميركية الآجلة بنسبة 0.6% إلى 3388.60 دولارًا، وسط تذبذب حاد ناجم عن مزيج من المخاوف السياسية والقرارات النقدية الدولية.
■ الذهب.. ملاذ في زمن الشك
الذهب، الذي طالما مثّل خزينة الثقة حين تهتز الأسواق، وجد نفسه مجددًا في قلب الحدث. ويقول “تيم ووترر”، كبير محللي السوق في شركة KCM Trade:
“حقق الذهب انتعاشًا متواضعًا مع ترقّب الأسواق للخطوات التالية في الصراع الإسرائيلي الإيراني. وإذا تدخلت الولايات المتحدة عسكريًا بشكل مباشر، فإن أسعار الذهب مرشّحة للارتفاع بشكل أكثر حدّة بسبب ازدياد المخاطر الجيوسياسية.”
لكن المكاسب بقيت محدودة نسبيًا، في ظل الموقف الحذر الذي أبداه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، الذي أبقى أسعار الفائدة دون تغيير، مع توقع خفضها بمقدار 0.5 نقطة مئوية خلال العام، وإن بوتيرة أبطأ من المتوقع.
■ توتر الشرق الأوسط.. شرارة في سوق الطاقة والذهب
التصعيد الحاد بين إسرائيل وإيران، والذي بلغ ذروته في الأيام الماضية، لا يهدد فقط أمن الإقليم، بل أيضًا استقرار أسواق الطاقة العالمية. فإيران، باعتبارها أحد أبرز منتجي النفط والغاز، تقع في قلب منظومة العرض العالمية، وأي اضطراب هناك سينعكس فورًا على أسعار الخام، وبالتالي على مجمل الاقتصاد العالمي.
وتزداد المخاوف مع امتناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن توضيح ما إذا كانت واشنطن ستنضم إلى إسرائيل في قصف المنشآت النووية والصاروخية الإيرانية، ما أبقى باب الاحتمالات مفتوحًا على مصراعيه.
■ المعادن النفيسة.. ردود أفعال متباينة
في سوق المعادن النفيسة، شهدت الأسعار تحركات مختلفة، عكست حالة الترقب:
-
الفضة تراجعت بنسبة 0.2% إلى 36.66 دولارًا للأوقية.
-
البلاتين ارتفع بقوة بنسبة 1.5% إلى 1342.36 دولارًا.
-
البلاديوم سجّل زيادة بنسبة 0.6% ليبلغ 1055.18 دولارًا.
هذه التحركات تظهر أن المستثمرين ما زالوا يفرّقون بين أنواع المخاطر، إذ يبحث البعض عن فرص مضاربة قصيرة الأمد، فيما يتجه آخرون إلى الملاذات طويلة الأجل.
■ كلمة أخيرة: “كل شيء تحت النار”
بين ألسنة الحرب المحتملة، والمخاوف الاقتصادية، والتذبذب النقدي، يبدو أن الذهب لن يكون فقط ملاذًا ماليًا، بل مؤشرًا حيويًا على مستقبل العالم القريب. ومع تزايد احتمالات اتساع رقعة الحرب، وارتباك قرارات البنوك المركزية الكبرى، تستعد الأسواق العالمية لمرحلة قد تتسم بالتقلّب الحاد والقرارات المفاجئة.
فهل نحن أمام موجة صعود تاريخية للذهب؟ أم أن السوق لا تزال تحبس أنفاسها بانتظار الشرارة الكبرى؟

