في ليلة لا تشبه سواها، خلد المنتخب المغربي اسمه بأحرف من ذهب في سجلات التاريخ الكروي العالمي، بعدما حقق إنجازاً غير مسبوق بفوزه بلقب كأس العالم للشباب للمرة الأولى. وفي مباراة نهائية حملت كل ملامح الإثارة والتحدي، نجح “أشبال الأطلس” في إسقاط العملاق الأرجنتيني بهدفين نظيفين، مؤكدين أن المجد لا يُمنح بل يُنتزع.
الإنجاز الذي دوّى صداه من الرباط إلى أقصى العواصم العربية، لم يكن مجرد فوز في مباراة، بل تتويج لمسار طويل من العمل الجاد والتخطيط الطموح. مغاربة العالم والعرب على امتداد الخارطة احتفلوا بهذا الانتصار الاستثنائي الذي أعاد تعريف طموحات الكرة العربية، وفتح أبواباً جديدة للحلم الذي طال انتظاره.
من الإنجاز إلى الإلهام
احتفاء واسع اجتاح منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدرت الوسوم المرتبطة بالفوز المغربي، مثل “المغرب بطل العالم” و”أسود الأطلس”، الترند في عدد من الدول، وتحولت لحظات التتويج إلى مادة بصرية تتناقلها الصفحات والمنصات بكثير من الفخر والانبهار.
مشجعون ومحللون ومهتمون بالشأن الرياضي اعتبروا أن هذا الفوز يعكس التحول الكبير الذي تشهده الرياضة المغربية في السنوات الأخيرة، بداية من إنجاز المنتخب الأول في كأس العالم 2022، حين حقق المركز الرابع، إلى برونزية الألعاب الأولمبية ثم حصد لقب كأس إفريقيا، وصولاً إلى التتويج العالمي للشباب.
نموذج رياضي يحتذى
عوامل النجاح المغربي لم تأتِ صدفة، بل ثمرة تخطيط طويل الأمد بقيادة الاتحاد المغربي لكرة القدم ورئيسه فوزي لقجع، الذي بات اسماً مرتبطاً بالإصلاح والرؤية المستقبلية. فقد عملت الإدارة الرياضية على بناء منظومة متكاملة جمعت بين تطوير البنية التحتية، واكتشاف المواهب، والاستثمار في الكوادر الفنية.
هذا النموذج بات محل إشادة واسعة من نشطاء ومحللين دعوا الدول العربية إلى دراسته وتبني عناصره، معتبرين أن ما تحقق ليس فقط فوزاً رياضياً بل درساً إدارياً في كيفية صناعة الأبطال.
فصل جديد في كتاب المجد العربي
ما فعله شباب المغرب في هذه البطولة لم يكن مجرد فوز بل تجسيد لحلم عربي طالما بدا بعيد المنال. فقد تمكن الفريق من تجاوز عمالقة اللعبة على مستوى الفئات السنية، بداية من فرنسا، مروراً بالبرازيل، وختاماً بالأرجنتين في النهائي، ليؤكدوا أن الكرة العربية قادرة على منافسة الكبار عندما تمتلك أدوات النجاح.
ووسط هذه الأجواء الاحتفالية، تكرّس المغرب كثاني دولة أفريقية تفوز بكأس العالم للشباب بعد غانا التي توجت بها عام 2009، غير أن التفرد المغربي جاء من كونه أول منتخب عربي يحقق هذا المجد، ما ضاعف من قيمة الإنجاز في الذاكرة الجماعية للشعوب العربية.
حلم يتحقق ومستقبل يُرسم
الفوز التاريخي لم يكن نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة للكرة المغربية، التي تملك الآن جيلًا شابًا مدججًا بالموهبة والثقة والخبرة الدولية. ويحدو الأمل عشاق الكرة العربية في أن يشكل هذا التتويج محطة انطلاق نحو إنجازات أكبر، ربما تبدأ بمنافسة قوية على كأس العالم للكبار في 2026، حيث بات اسم المغرب يُذكر بين الكبار عن جدارة.
إنه عصر جديد لكرة القدم المغربية، تكتبه أقدام اللاعبين ورؤية القادة، ويُحتفل به في كل بيت عربي، كعلامة مضيئة في سماء الإنجاز العربي
بقلم : إسماعيل بوخاري

