في إنجاز غير مسبوق، نجح المنتخب الوطني التونسي لكرة القدم في إنهاء مرحلة التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026 دون أن تستقبل شباكه أي هدف، وهو رقم قياسي عالمي يسجَّل لأول مرة في تاريخ التصفيات، ويعكس الأداء الدفاعي والانضباط التكتيكي العالي الذي ميّز مسيرة “نسور قرطاج” خلال هذه المرحلة.
وقد خاض المنتخب عشر مباريات كاملة ضمن منافسات المجموعة الثامنة، حقق خلالها تسعة انتصارات وتعادلًا وحيدًا، مكتفيًا بتسجيل 22 هدفًا، ما يؤكد التوازن المثالي بين الخطوط الثلاثة، والقدرة على فرض الإيقاع في مختلف الظروف والملاعب، سواء داخل الديار أو خارجها. هذا الأداء اللافت مكّن تونس من تصدر المجموعة برصيد 28 نقطة، مبتعدة بفارق مريح عن أقرب ملاحقيها، ومؤكدة بذلك أحقيتها في التأهل المبكر الذي حُسم منذ الجولة الثامنة، عقب الفوز خارج القواعد على منتخب غينيا الاستوائية في العاصمة مالابو.
ويأتي هذا التأهل ليُكلل مشاركة متميزة في التصفيات، حيث واجه المنتخب التونسي منتخبات ناميبيا، ليبيريا، غينيا الاستوائية، مالاوي، وساوتومي، وتمكن من فرض سيطرته على كامل أطوار المجموعة، دون أن يمنح أي من هذه المنتخبات فرصة الوصول إلى شباكه. ورغم اختلاف المدارس الكروية والمناخات الجغرافية، حافظت تونس على هويتها الفنية وأسلوبها التكتيكي الصارم، بقيادة جهاز فني نجح في ضبط التوازن وتوظيف طاقات اللاعبين بأفضل شكل ممكن.
هذا الإنجاز يكتسب رمزية خاصة بالنظر إلى التحديات التي تواجهها كرة القدم التونسية في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الاستقرار الفني، أو تذبذب نتائج الأندية محليًا وقاريًا، ليأتي المنتخب الوطني كنافذة أمل تعيد الثقة للجماهير وتحيي الطموحات قبل خوض غمار مونديال 2026، الذي تستضيفه الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المشاركة ستكون السابعة في تاريخ تونس في نهائيات كأس العالم، بعد أن كانت أول مشاركة سنة 1978 في الأرجنتين، ثم توالت المشاركات في 1998، 2002، 2006، 2018، و2022، ومع كل تأهل تتجدد الآمال في تحقيق نتائج أفضل وتجاوز الدور الأول، وهو التحدي الذي يطمح الشارع الرياضي التونسي لتحقيقه هذه المرة، خاصة في ظل توفر مجموعة من اللاعبين الشبان الواعدين، ودعم جماهيري واسع.
ويُنتظر أن تشرع الجامعة التونسية لكرة القدم قريبًا في الإعداد اللوجستي والفني للمرحلة المقبلة، بما في ذلك برمجة مقابلات ودية على أعلى مستوى، لتوفير مناخ تنافسي يليق بمثل هذا الحدث العالمي، وضمان أفضل جاهزية للمنتخب في رحلته نحو مونديال 2026.

