في تطوّر جديد ضمن طموحاتها المتنامية في مجال الفضاء، أعلنت إيران، عبر وكالة “تسنيم” الرسمية، أنها تستعد لإطلاق قمر اصطناعي جديد يوم الجمعة المقبل، بالتعاون مع روسيا، في إطار برنامج إطلاق متعدد الأقمار من قاعدة “فاستوتشني” الروسية. عملية الإطلاق ستُنفَّذ بواسطة الصاروخ الشهير “سويوز”، الذي أصبح رمزًا للتعاون الفضائي الروسي مع عدد من الدول الطامحة لولوج الفضاء.
ووفقًا لما أفادت به الوكالة، فإن الصاروخ سيُطلق في تمام الساعة 09:54 صباحًا بتوقيت إيران، حاملاً قمرين رئيسيين باسم “يونسفير-إم” (رقم 3 و4)، بالإضافة إلى 18 قمرًا اصطناعيًا صغيرًا. ورغم أن طهران لم تُفصح عن طبيعة القمر الذي سيُطلق باسمها، إلا أن المؤشرات تدل على أنه يأتي في سياق تعزيز قدراتها التكنولوجية في مجالات متعددة، من بينها الاتصالات، والرصد الجوي، والاستشعار عن بُعد.
وقد تم بالفعل تثبيت الصاروخ “سويوز” على منصة الإطلاق رقم 1-سي، وتم تزيينه بشعار منظمة الفضاء الإيرانية ومعهد الفضاء الإيراني، في إشارة رمزية إلى الحضور الإيراني في هذه المهمة الفضائية الدولية.
لكن في مقابل هذا التقدم، لا تخفي بعض الجهات الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مخاوفها القديمة المتجددة من أن إيران قد تستخدم التكنولوجيا الفضائية كغطاء لتطوير أنظمة صاروخية بعيدة المدى. وقد سبق للبنتاغون أن عبّر عن قلقه من أن الصواريخ المستخدمة في إيصال الأقمار الاصطناعية إلى المدار تُشبه في بنيتها وإمكاناتها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والتي يمكن تكييفها لحمل رؤوس نووية، في حال امتلكت طهران القدرات اللازمة لذلك.
في المقابل، تنفي إيران هذه الادعاءات بشدّة، وتؤكد أن برنامجها الفضائي ذو أهداف مدنية بالكامل، ويُستخدم لتطوير إمكانات البلاد في مجالات الزراعة، والبيئة، وإدارة الكوارث الطبيعية. وتُشدد على أن تطويرها للأقمار الاصطناعية لا يخرج عن نطاق الاستخدامات السلمية، وتحت رقابة علمية وتقنية دقيقة.
ويأتي هذا الإطلاق المرتقب بعد سلسلة من التجارب السابقة، كان أبرزها في جانفي 2024 حين أطلقت إيران القمر “ثريا” إلى مدار يُعد الأعلى في تاريخ برنامجها الفضائي، حيث بلغ ارتفاعه 750 كيلومترًا. ذلك الحدث اعتُبر آنذاك علامة فارقة في مسار البرنامج الإيراني، الذي بدأ يشق طريقه وسط عقوبات وضغوطات دولية لا تتوقف.
بين الطموح الإيراني والشكوك الغربية، يبقى الفضاء ساحة جديدة للتنافس الجيوسياسي والتكنولوجي. وفي وقت تتعثر فيه بعض الدول النامية في إدارة ملفاتها الأرضية، تسعى طهران إلى أن تُثبت حضورها فوق الغلاف الجوي، ولو عبر منصة روسية.
المصدر : وكالات

