في تطور خطير يعكس هشاشة الوضع الأمني في الجنوب السوري، شهدت محافظة السويداء موجة عنف دموية بين فصائل درزية معارضة للنظام السوري ومسلحين من العشائر العربية، بعد انسحاب الجيش السوري من المحافظة. التصعيد الذي أوقع مئات القتلى والجرحى، دفع أطرافًا إقليمية ودولية إلى التحرك العاجل في محاولة لوقف نزيف الدم.
وقالت وزارة الصحة السورية إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 260 شخصًا وإصابة 1698 آخرين، فيما وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 321 شخصًا منذ اندلاع المواجهات، بينهم أطفال ونساء وطاقم طبي، مشيرة إلى أن الانتهاكات شملت عمليات إعدام ميداني من مختلف الأطراف.
وجاء التصعيد عقب ضربات جوية إسرائيلية مكثفة استهدفت مواقع للجيش السوري في دمشق والسويداء، دعمت خلالها إسرائيل فصائل درزية كانت قد دخلت في مواجهات مع القوات الحكومية. وأدى هذا التدخل إلى انسحاب كامل للقوات السورية من المحافظة، ما فتح المجال أمام الفصائل لمهاجمة مناطق تابعة للعشائر البدوية، وسط تقارير عن مجازر وعمليات تهجير جماعي، ما دفع العشائر إلى الرد بهجوم واسع.
في هذا السياق، أعلنت واشنطن عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل، قال المبعوث الأميركي توماس برّاك إنه تم التوصل إليه بدعم من تركيا والأردن، مؤكداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع وافقا على الالتزام به.
التحركات الدولية لم تتوقف عند واشنطن، إذ دعت تركيا إلى وقف فوري للعنف، محذرة من أن استمرار الضربات الإسرائيلية يقوّض جهود السلام في المنطقة. واعتبرت أن احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها هو شرط أساسي لتحقيق الاستقرار الإقليمي، بحسب ما أكده وزير الخارجية هاكان فيدان خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي.
أما ألمانيا، فأعربت عن قلقها العميق إزاء ما يجري في السويداء، وحذّر وزير خارجيتها من أن الحكومة السورية لن تحظى بأي دعم أوروبي ما لم تلتزم بحماية المدنيين ووقف الانتهاكات بحق الأقليات الدينية والعرقية.
من جانبه، طالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بإجراء تحقيقات فورية وشفافة، داعيًا جميع الأطراف إلى تجنب منطق الثأر والتركيز على حماية المدنيين ومنع تجدد العنف.
وسط هذا المشهد المعقّد، يبقى الجنوب السوري ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، في ظل تداخل حسابات محلية وطائفية وإقليمية، وغياب أي مؤشرات واضحة على حلول دائمة للأزمة.
المصدر : new media tv + وكالات

