في خطوة جديدة تكشف عن تصاعد موجات التضامن الشعبي الدولي مع معاناة الشعب الفلسطيني، أبحرت يوم الأحد سفينة “حنظلة” من ميناء سرقوسة بجزيرة صقلية الإيطالية، في مهمة إنسانية جريئة تهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ سنوات.
السفينة، التي تحمل اسم الشخصية الرمزية التي ابتكرها الفنان الفلسطيني ناجي العلي، تقل على متنها نحو 15 ناشطًا من مختلف الجنسيات، بينهم مناضلون حقوقيون وأكاديميون وممثلون عن حركات تضامن عالمية، وترافقها شحنة من المساعدات الإنسانية العاجلة لسكان غزة، الذين يرزحون تحت وطأة أزمة غير مسبوقة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ورغم التهديدات المتكررة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، تجمع عشرات المتضامنين في الميناء الإيطالي لوداع السفينة، رافعين الأعلام الفلسطينية والكوفية، مرددين شعارات مناصرة للحرية والعدالة، أبرزها: “فلسطين حرة”.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب اعتراض البحرية الإسرائيلية لسفينة “مادلين” التي أبحرت مطلع جوان من إيطاليا، وكان على متنها 12 ناشطًا، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، والنائبة الأوروبية من أصل فلسطيني ريما حسن، التي اعتقلت بعد ثلاثة أيام من إبحار السفينة قرب المياه الإقليمية لغزة.
ومن المقرر أن تتوقف سفينة “حنظلة” في مدينة غاليبولي جنوب شرق إيطاليا، حيث ستنضم إليها في 18 جويلية المقبل نائبتان من حزب “فرنسا الأبية” اليساري، وهما غابرييل كاتالا وإيما فورو. واعتبرت كاتالا أن هذه المبادرة تمثل “ضرورة أخلاقية” في ظل المجازر المرتكبة بحق أطفال غزة، وأن أي محاولة إسرائيلية لمنع وصول السفينة ستكون انتهاكًا جديدًا للقانون الدولي.
وقالت كاتالا:
“نحن لا نحمل فقط مساعدات، بل نحمل رسالة إنسانية مدوية: كفى صمتًا على الإبادة الجماعية. حتى لو لم نصل إلى غزة، فإن اعتراض سفينتنا سيكشف مجددًا زيف ادعاءات إسرائيل واحترامها للقانون الدولي”.
يأتي إطلاق هذه المهمة الإنسانية وسط تدهور الأوضاع في القطاع، حيث ارتفع عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين إلى أكثر من 196 ألفًا منذ أكتوبر، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف مراكز المساعدات الإنسانية ويمنع دخول الغذاء والدواء، وسط دعم سياسي وعسكري غير محدود من الولايات المتحدة.
كما قُتل حتى يوم الأحد فقط، أكثر من 830 فلسطينيًا وأُصيب أكثر من 5,400 آخرين قرب مراكز المساعدات، ما يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعاني منها القطاع المحاصر
سفينة “حنظلة” لا تمثل مجرد محاولة لإيصال مساعدات، بل هي رسالة مقاومة مدنية تحملها الشعوب إلى الضمير العالمي، مفادها أن الصمت على الجرائم في غزة لم يعد ممكنًا، وأن المبادرات الشعبية قد تكون أقوى من صمت الحكومات.

