في مشهد وُصف بأنه غير مسبوق من التهكم والتعامل الفوقي، أشعل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عاصفة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي بعد تصرفاته المثيرة للجدل خلال اجتماع رسمي في البيت الأبيض مع قادة خمس دول أفريقية.
فخلال غداء عمل من المفترض أن يكون محفلاً دبلوماسياً راقياً لتبادل وجهات النظر وتعزيز العلاقات، قاطع ترامب الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني بحدة، بينما كان يتحدث عن موقع بلاده الاستراتيجي وفرص الاستثمار فيها، ملوّحاً بيده ورأسه بطريقة فظة ليوقفه عن الحديث بعد تجاوزه سبع دقائق. وما زاد من وقع الموقف أن ترامب قال، بنبرة انزعاج واضحة:
“ربما علينا أن نُسرع قليلاً، لدينا جدول مزدحم”.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل فاجأ الحضور بمطالبة باقي الرؤساء بالاكتفاء بتعريف أسمائهم وبلدانهم فقط، متجاهلاً البروتوكولات المتعارف عليها في الاجتماعات الرئاسية، مما اعتبره كثيرون تصرفاً يحمل في طياته إهانةً صريحةً لرؤساء دول ذات سيادة.
لكن اللحظة التي فجّرت موجة السخرية والانتقادات كانت حين التفت ترامب إلى الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي، وقال له بدهشة لا تخلو من الاستعلاء:
“إنجليزيتك رائعة! أين تعلمتها؟”
ليأتي الرد من بواكاي بابتسامة متحفظة وكلمات مقتضبة:
“نعم سيدي.. في ليبيريا”.
هذا السؤال، الذي بدت بساطته أقرب إلى الجهل، أثار موجة استهجان واسعة، إذ أشار معلقون إلى أن ليبيريا تتحدث الإنجليزية كلغة رسمية منذ تأسيسها على يد عبيد محررين من الولايات المتحدة نفسها. وانهالت التعليقات الساخرة على منصات التواصل، متسائلة:
“ألا يقرأ ترامب عن الدول التي يستقبل قادتها؟”
ووصف كثيرون الموقف برمّته بأنه يعبّر عن عقلية استعلائية لا تزال تنظر إلى أفريقيا بمنظار استشراقي متجاوز، حيث لم يُبدِ ترامب أي رغبة في الاستماع أو التفاعل بجدية مع القادة الأفارقة، بل بدا وكأنه في مقابلة عمل لاجتياز اختبار زمن قصير.
“تصرفات لا تليق بمضيف، ولا تليق بقائد”
الحادثة أثارت موجة غضب في الأوساط الإعلامية والسياسية داخل وخارج أفريقيا، وسط تساؤلات عن الرسائل الدبلوماسية التي يحملها مثل هذا السلوك، وما إذا كانت الإدارة الأميركية فعلاً ترى في شركائها الأفارقة مجرد أرقام في جدول أعمال مزدحم، لا أكثر.

